الله حي عباس جاي.. قصة أشهر هتاف مصري ضد الإنجليز

عاش الخديو عباس حلمي الثاني في وجدان الشعب المصرى طويلاً، إذ شاء القدر أن تنشب الحرب العالمية الأولى وهو في تركيا التي كانت متحالفة وقتها مع الألمان ضد إنجلترا، وبسبب ميوله للأتراك والألمان عزله الإنجليز وأعلنوا الحماية البريطانية على مصر.

يقول الكاتب الصحفي الراحل صلاح عيسى في كتابه "هوامش المقريزي.. حكايات من مصر"، إن الخديو عباس حلمي الثاني ظل متنقلاً من اسطنبول إلى عواصم أوروبا المحايدة، يتابع أنباء الحرب ويأمل أن تنتهي بانتصار الألمان والأتراك فيعود إلى مصر.

قبل هذا التاريخ بعامين كان الزعيم - محمد فريد، قد ترك مصر هو الآخر مهاجرًا إلى اسطنبول، وكان عملاء الاحتلال البريطاني يتآمرون عليه ويخططون لوضعه في السجن، ورغم أن الخديو كان خانه هو الآخر من بين من خانوه، فأنه عندما التقى به مطرودًا ومخلوعًا وبلا عرش، تحالف معه وعاد الاثنان يخططان لحملة عسكرية على مصر يقوم بها الجيش العثماني، تحررها من الاحتلال وتعيد كل شيء كما كان.

ومن بعيد، كان المصريون يتابعون أنباء الخديو والزعيم وتتسلل إليهم ـ رغم قسوة الرقابة البريطانية على الصحف - أخبار الحملة العثمانية على مصر، فيرتجفون فرحاً لأن يوم الخلاص قد قرب، ولا يفقد المصريون الأمل ويصبح اسم الخديو المبعد رمزًا لحرية مصر واستقلالها.

في الشوارع يغني الأطفال أغنية تقول "الله حی عباس جای"، وتمر أمامهم قوات جيش الاحتلال، فيصرخون في وجوههم بمطلع الأغنية ويجرون، ويدهش الجنود الذين لم يفهموا من الموضوع شيئا، ويتشجع الأطفـال فيسيرون مسافة أطول، ثم يكتشف المحتلون اللعبة، فيطاردون الأطفال، وفجاة أصبح اسم عباس شبحاً يحرص بعض الآباء على تسمية أبنائهم به، كنوع من التحدى لكل شيء.

وتفشل الحملة العثمانية، ويختفي عباس في زحام الحياة، ويموت محمد فريد وحيدًا منفيًا، ولا يعود أحد يهتف الله حي عباس جای، حتى قامت ثورة 1919.