بوابة الستين.. وحصاد السنين بقلم: د. مجد إبراهيم
الواديفي الثلاثين من سبتمبر من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي لكبار السن، حيث تبدأ مرحلة التقاعد وندخل من بوابة الستين فنجد أنفسنا أمام عدة خيارات.
فإما أن نكتئب ونشعر أنها النهاية فهى الفصل الاخير من الحياة، وإما أن نعتبرها بداية لمرحلة جديدة مشرقة، خاصة إذا كان الفرد قد خطط لها مسبقًا مثلما يفعل غالبية الأجانب الذين يحرصون على الاستمتاع بقضائها مع الأصدقاء أو عبر السفر حول العالم، ويرفضون بشكل قاطع أي محاولات من حكوماتهم لرفع سن التقاعد لأنهم يعتبرون هذه المرحلة حق من حقوقهم مستحيل التنازل عنه.
أما الخيار الثالث فيرى أصحابه أن الوقت قد حان لكى يتحرروا من القيود الوظيفية ويعيشوا الحياة المتبقية لهم دون التزامات تثقل كاهلهم.
وأخيرًأ يأتي خيار رابع أعتبره المثال النموذجي الإيجابي لأنه ينظر للتقاعد بجدية وبحزم وبدراسة متأنية مستفيضة، فهو يعتبر أن بوابة الستين هى التدريب العملي الأول لحساب النفس وتقييم الذات ورصد الإنجازات والاخفاقات حيث "اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا".
فيجتر شريط حياة مليء بالإنجازات والاخفاقات، ويكتب المواقف الإيجابية والعلامات المضيئة التي كان هو السبب فيها أو ساعد على وجودها لينتفع بها غيره فتكون بمثابة صدقة جارية له.
على سبيل المثال: علم ينتفع به الناس، عمل صالح قام به، فكرة بناءة، تشجيع فريق عمله وبث طاقة إيجابية فيهم، أى يدون نجاحاته الصغيرة والكبيرة سواء على المستوى الشخصي أو الأسري أو العائلي أو المهني أو الإنساني فهذه هى حصيلة تجارب وخبرات السنين.
فسنوات الستين وما بعدها لا يمكن أن ننظر إليها من منظور التفاؤل والتشاؤم، فهي موسم حصاد السنين التي عشناها وزرعناها كل على حسب معتقداته، وتوجهاته، وأخلاقياته، ومبادئه، وبيئته، وتربيته، وتعليمه.
فهي سنوات تحمل السبب والنتيجة في نفس الوقت، وتحمل الفعل ورد الفعل سواء كان خير أو شر
فهذه الخبرات والتجارب الحية النابضة بالحياة والمشاعر المتعددة هى بمثابة دروس غاية في الأهمية لما لها من عمق السنين وصدق المشاعر ونبل الهدف وهو أن يتعلم منها الأبناء والأحفاد والأجيال القادمة.
لهذا أدعوا جميع الأخوة والأخوات الذين دخلوا من بوابة الستين أن يقفوا لحظة صدق مع النفس ويقيموا ذاتهم ويرصدوا إنجازاتهم ومواقفهم الإيجابية عبر السنوات الماضية ويدونوها لتكون دروسًا حية تنبض بالمشاعر النبيلة الصادقة لكي يتم تجميع هذه القصص المتنوعة المليئة بالتحديات والنجاحات في كتاب أو عمل درامي يستفيد منه الأجيال الشابة.
بقلم: د. مجد إبراهيم محمد أبو عيش
[email protected]