محمد عبدالظاهر يكتب: ”الثقافة المحلية المغلوطة”...سحب الثقة من المحافظين


لقد اصبحنا نعاني كثيرا من الثقافة المحلية المغلوطة والمنتشرة الان بسبب احاديث ولقاءت بعض متصدري المشهد الاعلامي بدون دراسة او خبرة محلية عملية وعدم فهم لفلسفة الانظمة المحلية ودورها في العالم كله في غيبة القيادات المحلية المؤهلة لذلك لان معظم قيادات الادارة المحلية جاءت من خارج منظومة الادارة المحلية دون تاهيل وخبرة محلية ، وقد ساهم في ذلك ايصا عدم اكتمال النظام المحلي وعدم وجود المجلس المحلي المسئول عن التواصل مع المواطنيين وشرح المفاهيم المحليه السليمة لهم ، وقد تسب كل ذلك في نسيان البعض للدور المحلي والثقافة المحلية السليمة والياتها ..
لكن ما ازعجني الان اكثر هو تداول بعض الاراء التي تشير الي ان الدستور قد الزم المشرع بقيام المجلس المحلي بسحب الثقة من المحافظ وهو كلام غير دقيق ويحتاج الي تصحيح قبل ان يتضمنه القانون ويتسبب في مشاكل محلية كثيرة ولا اعرف سبب للاصرار علي ذلك عند البعض رغم ان سحبة الثقه من المحافظ الذي تم تعينه بمعرفة السيد رئيس الدوله سيكون بالتأكيد ضد مصلحة الدولة واستقرارها خاصة ان الدستور نفسه لم يطلب ذلك تحديدا فوجب توضيح ما يلي
اولا .. الدستور في الماده 175 قد قسم مصر الي وحدات اداريه "وليست محلية" منها المحافظة والمدينة والقرية ... ثم جاء الدستور في الفقرة الثانيه من المادة 180 واعطي للمجلس الشعبي المحلي حق سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية "وليست الادارية" وفقا لما ينظمة القانون
ثانيا .. والاهم ان المجلس المحلي والمحافظة جهة تنفيذية واحدة يتكاملوا مع بعضهم البعض ويشكلان اليات الدولة لحسن التعامل مع المواطنين والتواصل معهم وتقديم خدمات افضل لهم ولا يجب ان يعلو أحدهم علي الاخر ولكل منهم اختصاصه وواجباته التنفيذية وفقا للدستور الذي وضعهم في باب واحد هو باب السلطة التنفيذية كجهاز تنفيذي واحد فلا يجب ان يكون بينهم صراع بقاء او تنافس ولا يتم تفضيل احدهم علي الاخر باي اجراء فوقي او استثنائي ولا يجب ان يصدر قانون منفصل للمجلس الشعبي المحلي وقانون اخر للادارة المحليات كما يشيع البعض ، فهم ليسوا جهتين مختلفتين مثل مجلس الشعب كسلطة تشريعية ورقابية علي الحكومة التي تمثل السلطة التنفيذية وفقا لمبدء الفصل بين السلطات .. لكنهم سلطة تنفيذية واحدة وإن ما يقوم به اعضاء المجلس المحلي من اسئله او طلبات احاطة للاجهزة التنفيذة يكون من اجل التكامل في اظهار الحقائق للمحافظ وللمواطنين علي حد سوء ... كما ان تواصل اعضاء المجلس الشعبي المحلي مع المواطنين هو الجزء الاهم من عملهم التنفيذي من اجل معرفة مشاكل المواطنين ونقلها للمسئولين وحلها معهم في تكامل وتناغم للصالح العام بهدف ارضاء المواطن في كل ربوع مصر حتي يشعر باهتمام الدولة بمشاكله باليات قريبه منه ويعرفها جيدا ومتواصل معها وهو من قام باختيارها. وانتخبها .. وهذا التواصل يجعل النظام الانتخابي الفردي هو الانسب والافضل بل والضروري للمجالس الشعبية المحلية وفقا للمادة 180 من الدستور .. التي نصت علي ان "تنتخب كل وحدة محلية مجلساً بالاقتراع العام السرى المباشر ، لمدة أربع سنوات" لتسهيل عملية التواصل المباشرة بين المواطنين واعضاء المجلس المحلي والذي انتخبهم بالاسم ويعرفهم عن قرب لسرعة حل مشاكلهم مع المسئولين دون وساطة من احد ودون تدخل من الاحزاب مع ضرورة مراعاة تناسب عدد السكان مع عدد اعضاء المجلس من اجل تحقيق المساواة .
ثالثا .. المحافظ هو رجل الدوله القوي ويمثل الرئيس في الاقليم من اجل ان نضمن جميعا استقرار المحافظة واستمرارها تحت سيطرة الحكومة المركزية بعيدا عن العصبيات والقبلية والحزبية وبعيدا سيطرت راس المال والتدخلات الاجنبيه تأكيدا لوحدة الدولة ، كما ان المحافظ هو المسئول عن تنفذ سياسة الحكومة في الاقليم ووارد جدا ان يختلف مع مصالح أشخاص او اعضاء في المجلس او حتي احزاب وقد يحدث عنده تقصير في الميزانيات ، فلابد ان نكون جادين في الحفاظ علي هيبة المحافظ في محافظته واستقرار النظام المحلي دون خلافات مع احد او مصالح واحقاد او تدخلات حزبية من اي حزب من الاحزاب وألا ننساق وراء سيطرة راس المال واصحاب المصالح
رابعا - لا يمكن ان نساوي بين المحافظ وهو المسئول الاعلي في المحافظة وبين مرؤسيه في سحب الثقة وهو الحكم الفصل في المشاكل التي قد تحدث بين رؤساء الوحدات المحلية التابعة له وبين اعضاء المجلس سواء في القرية او المدينة ووجود المحافظ القوي والمؤثر واحترامة هو الضمانة المهمة للجميع فلو ان المحافظ وجد اي تقصير من اي مرؤس من اي مسئول من مرؤسيه فسوف يقيله فورا او ينقلة دون الحاجه الي اجرأت سحب ثقه وقد يكون ذلك كافي ، ثم كيف يتم سحب الثقه من المحافظ ولا يتم سحبها من السكرتير العام ومديري المدريات .. ويظلوا بعيدا عن الحساب مع انهم قد يكونو هم سب المشكلة ، وقد نجد ان بعض الدول تقوم بانتخاب مسئول البلدية ويكون هو المسئول الاول عن النظافه واذا لم يحقق المستوي المطلوب من النظافة يتم سحب الثقه منه
فان كان من الضروري سحب الثقة من بعض رؤساء الوحدات المحلية تنفيذا للدستور .. فمن الممكن ان يشير القانون الي ان الدولة مقسمه الي 27 محافظه وتتكون المحافظة من وحدات محلية معينة وينص القانون علي أسماء هذه الوحدات لسحب الثقه من رؤسائها وليس من بينهم المحافظ طبعا وممكن ان يضاف اليها مديري المدريات او حتي السكرتير العام .. او مسئولي البلديه المسئول عن النظافة والمقترح ان يكون بالانتخاب او تقتصر عليه عملية سحب الثقة .. رغم ان المحافظ لو شعر بصدق ما يطلبة اي جهاز من الاجهزة الرقابية بما فيهم المجلس المحلي بان هناك تقصير بالفعل من اي مسؤل تابع له فانه يقوم فورا باستبعاده لدرجة اننا نحتاج احيانا الي ان نضع ضوابط لهذا الحق.
خامسا - المادة 181 تنص علي ان قرارات المجلس المحلى الصادرة فى حدود اختصاصه نهائية، ولا يجوز تدخّل السلطة التنفيذية فيها، إلا لمنع تجاوز المجلس لهذه الحدود، أو الإضرار بالمصلحة العامة، أو بمصالح المجالس المحلية الأخرى.. والمحافظ هنا هو المعني برفض قرارات المجلس المحلي لمنع تجاوز او اضرار بالمصلحة العامه او بمصالح المجالس المحلية الاخري .. فهل يستطيع محافظ اعطينا للمجلس المحلي حق سحب الثقه منه ان يعترض عاجلا علي قرارات المجلس من اجل الصالح العام حتي وان اعطينا لمجلس الدوله الحق في حسم اي خلاف قد يحدث
ولكل ما تقدم فقد اصبح جليا ان الدستور لم يلزمنا بسحب الثقه ولو اعطينا للمجلس المحلي حق سحب الثقة من المحافظ فسوف يفقد المنصب قيمته وتشتد الصراعات بين المحافظ المعين والمجلس المنتخب وعند اعلان احد الاعضاء لاي سبب او اي خلاف شخصي او خلاف سياسي انه سوف يقوم بعمل اجراءت سحب الثقة من المحافظ فماذا سيكون موقف الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وما هو مقدار التجريح والاهانات التي سوف تتداول علي هذه الوسائل وتسئ الي المحافظ واسرته وتفقده هيبته في الاقليم وقدرته علي السيطرة بعد ذلك خاصة لو وصلنا الي جلسه سحب الثقة حتي لو لم تستكمل اجراءت سحب الثقة وفقا للضوابط والمتضرر دائما هو المواطن واستقرار الدولة
لذلك ومن اجل الاستقرار المحلي وعدم حدوث فراغ ومشاكل وصراعات محلية فعلينا ان نلتزم بان يقوم السيد الرئيس بتعين المحافظ ويكون هو صاحب الحق الوحيد في اقالة المحافظ بناء علي رؤيته او علي ما يعرضه رئيس الوزراء بناء علي من تقارير الأجهزة الرقاية الكثيره التي تراقب عمل المحافظ والتي منها المجلس المحلي نفسه .. ومن الممكن ان نقوم بوضع ضوابط لاختيار المحافظ ومدة بقاءه واليات اخري لاقالته قبل انتهاء مدته ليس من بينها سحب الثقة من اجل محافظات مستقرة .
فلنعمل جميعا من اجل ادارة محلية محترمة تليق بمصر وتحقق مستقبل افضل للجميع وفقا للانظمة المحلية العالمية الناجحة والمسقرة في العالم بدون وجهات نظر وموائمات سياسية وحزبية وبعيدا عن سيطرة رؤس الاموال واصحاب المصالح كي تنجح المنظومة ونتفرغ للتنمية والبناء والاستثمار وتقديم خدمات افضل للمواطنين كهدف استراتيجي حتي تظل مصر فوق الجميع ... فلازم ننتبه
م . محمد عبدالظاهر
الأمين العام للإدارة المحلية السابق
ومحافظ القليوبية والإسكندرية الأسبق