العمر بقلم د/ محمد بغدادي


تمر قرون وعقود وسنوات وشهور وأسابيع وأيام وأنفاس والانسان بين لحظات فرح وطمأنينة وسكينة ويأس وحزن وضغينة وحقد . ونحن بين هذا وذاك يتفلت العمر من بين أصابعنا وتتغير أحاسيسنا شيئا فشيئا .ففي الصغر لا نشعر بالليل والنهار والسنوات بل نشعر بالاحلام الوردية التي سنراها في السنوات المقبلة وكأنها بعيدة كليلة العيد وفي العشر الثانية نستكمل طريق الأحلام ونشاهد أن فلانا قد حقق حلمه وأصبح مهندسا أو طبيبا ونحلم ونحلم. وتنقضي العشر الثانية ونبدأ في الثالثة كأننا نطوف بالكعبة المشرفة سبعة أشواط ما أن تنتهي من الشوط الأول تبدأ في الثاني وهكذا في أقل من نصف ساعة وكأن العمر من عشر سنوات إلى الأربعين عاما ساعة واحدة ينتابها الليل والنهار في ثواني معدودة وتتخللها الشمس في لحظات متقطعة بين غروب وشروق ونحتسب العمر من العشرون للاربعون كل شهر بل كل يوم حتى نصل إلى حتى اذا بلغ أشده وبلغ أربعون سنة.
ولنقف لحظة ونتريث اذا كان العمر ساعة خلال اول أربعون عاما فهو نصف ساعة من الأربعون للستون. وهكذا بترتيبات الهية محكمة وقوية ونسيان وهزيان من بني البشر فعندما يسألنا سائل فنقول له مرت السنون دون أن نعرف وولى العمر في ساعة واحدة .
وذكرها القرأن العظيم حتى إذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
فهي ساعة إذا كان العمر خمسون أو ثمانون أو أقل من ذلك أو أكثر ولكننا صرعى كأعجاز نخل منقعر إلا المصلين أو من لديه علاقة سريه بينه وبين ربه. تدفعنا الايام كالسيل الجارف حتى يبيض الشعر الأسود ويكبر الأبناء فجأة فبالأمس القريب كنا أطفالا نلعب ونلهوا واليوم نحن آباء وأجداد ويسقط منا في شباك الموت كل يوم أناس كانوا أكثر منا قوة وعتاد ومال وجاه وسلطان و نفوذ وغدا وبعد غدا .
فالنهاية هي لقاء ربك بعد سلسلة الأفراح والأحزان التي تراها وتشعر بها في يوما من الايام. ويبقى عملك الصالح وحسن نواياك هو المخرج الوحيد والمنفرد لدنيانا البائسة الفقيرة التي لا يستمر بها أحد فالكل إلى زوال حتى لو أمتلكت أموال قارون وأصبحت ملكا على الأرض كالنمرود.