م/ أحمد فكري زلط يكتب: صناعة الانتماء والولاء المؤسسي أزمة يمكن تحويلها إلي فرصة


من الواضح أن مفاهيم الولاء والانتماء المؤسسي متعددة ولكن نجد أن أحد أهم هذه المفاهيم انتشاراً هو انها عبارة عن استثمار متبادل بين الموظف والمؤسسة يؤدي إلي استمرارية العلاقة التعاقدية بينهم ، مما يترتب عليه سلوكاً للموظف يفوق السلوك الرسمي المتوقع منه من جانب المؤسسة حيث تزداد رغبة الموظف في العطاء والتفاني في العمل والاسهام في نجاح المؤسسة وتخطيها لأي عقبات أو مشاكل أو أزمات ، ولا يمكن النجاح لأي شركة أو كيان به بشر مجتمعون لتحقيق أهداف أو خطط مشتركة للصالح العام دون الاعتماد عَلِي عنصر الولاء والانتماء الذي ينبع من النفس مع معرفة المسئول أو صاحب العمل أو مجلس ادارة المؤسسة كيفية صناعة هذا الولاء حتي تتلاقي الأفكار وتتآلف القلوب في بيئة عمل آمنة أساسها المشاركة والتكاتف الايجابي .
ومن هنا نجد أن صناعة الولاء والانتماء المؤسسي يحتاج إلي أسلوب إداري و تنظيمي سليم يعتمد عَلِي طريقة علمية في وضع السياسات والأنظمة واللوائح والتعليمات بأنواعها بكل شفافية وبعيداً عن أي محسوبيات أو إلتفافات
أو تناقضات حتي يُسمح لهذة الصناعة أن تجد المناخ الجيد والهواء النقي للتطوير والتنمية والتحسين داخل المؤسسة ومن ثم تستمر العلاقة بين الموظف والمؤسسة عَلِي أسس قيمة وبيئة عمل جيدة
وانطلاقا مما سبق يكمن التحدي الكبير لأصحاب الأعمال وقيادات المؤسسات في كيفية وضع العوامل المناسبة والمساعدة في بناء و تدعيم الولاء والانتماء داخل المؤسسات ومن هذة العوامل :
١- وجود و زيادة الثقة المتبادلة بين الرؤساء والمرؤوسين
٢- توفير المناخ الانساني والعلاقات الاجتماعية الطيبة بين أفراد المؤسسة
٣- إعطاء الموظف المكانة الوظيفية المناسبة لمستواه بكل شفافية والعمل عَلِي تنمية مهاراته
٤- الحرص عَلِي تحقيق الرضا الوظيفي لدي كافة العاملين بكافة المستويات
٥- اتاحة الفرص الحقيقة للعاملين في المشاركة في وضع الرؤي والخطط و عمليات صُنع القرار داخل المؤسسة
٦- وجود نظام حقيقي وفعّال للحوافز والترقيات
فالمؤسسات الناجحة لا بد لها من معرفة أهم الركائز التي يقوم عليها العمل كقيم ثابتة والمتمثلة في القيـــــــمة الاقتصادية والقيمة الاجتماعيــــــة وأيضا قيمة الدافعية لتحقيق الأهداف وانجازها بالإضافة إلى قيمة حُب وفخر الموظفين واعتزازهم بانتسابهم للمؤسسة و ولاؤهم لها، حيث أن تحديد هذه الركائز يساهم في الوقوف على درجة ونسبة الولاء والانتماء ، ومن هنا تبدأ المؤسسة في العمل عَلِي تحسين هذه الركائز لتحسين هذه الصناعة المهمة
وحينما ننظر الي دولة مثل اليابان ونري ونسمع أن هذا الشعب يعشق العمل لدرجة خروج مظاهرات في طوكيو لعاملين و موظفين يعبرون عن احتجاجهم عَلِي منحهم إجازات اضافية !!! ويدعون الي إعطاء طاقتهم في العمل والانتاج حباً و ولاءً لمؤسساتهم ومصانعهم ، والشاهد أن ما يحدث في اليابان ليس بمعجزة ولكنه تطبيق لعلم إداري متعارف عليه يصنع كنوز بشرية بمعني الكلمة وليس حبر علي ورق. ولذلك لابد لنا في بلادنا العربية إعادة النظر مرة أخري في هذه الصناعة التي يمكن أن نقول انها تحولت إلي أزمة حقيقة داخل بعض المؤسسات بسبب إهمالها فترات طويلة ، ولعدم التعامل معها بالشكل السليم ، وقد آن الأوان للوقوف عَلِي أسبابها وإعادة صياغة ما يُعرف بعلم الادارة في الولاء والانتماء وإيجاد المفاتيح المناسبة لدفع هذا السلوك وهذه الصناعة إلي الامام دون خجل أو خوف واحتواء و تحويل هذه الازمة الي فرصة حقيقة إيجابية … وآن الاوان أن تقتنع مؤسساتنا أن الانتماء والولاء سلعة أساسية و معيار محوري في التطوير والارتقاء وليست من الكماليات أو من ملامح الرفاهية … فهذة الصناعة تمثل الان في كافة الشركات العملاقة والعالمية العمود الفقري للاستمرارية والنجاح.